هل تعرف أي نوع من الكُتاب أنت فيما يخص عملية الكتابة؟
هل أنت ممن يحب التخطيط قبل بدء روايتك أم تميل للكتابة دون أي تخطيط مسبق؟ أم أنّك في نقطة وسط بينهما؟
أم ما زلت حائرًا في أي الطريقين تسلك؟
هناك اختلاف كبير بين الكُتاب في أي الطريقين أفضل، وكل فريق يؤيد ما يراه الأفضل من وجهة نظره وكلٌ له أسبابه.
لكن أيهما أفضل بالفعل؟ وهل يجب أن نكون أحد النوعين فقط؟ ألا يمكننا أن نكون الاثنين معًا؟
هنا لا يكتب الروائي أي كلمة قبل أن يقوم بعمل مخطط.
من الكُتاب من يقوم بعمل مخطط دقيق لكل تفصيلة من الرواية حتى عدد فصولها والمشاهد بكل فصل وملفات دقيقة لكل الشخصيات، وأحيانًا قد يصل الأمر إلى كتابة مخطط من آلاف الكلمات قبل البدء في الرواية نفسها.
وهناك من هو وسط، فيقوم بعمل مخطط بسيط، يحدد البداية والنهاية والمحطات الرئيسية.
من أشهر الكُتاب المخطِطين، (جي كي رولينج) التي أعدت مخططًا مُفصلًا لكل أجزاء هاري بوتر.
Photo by Nick Morrison on Unsplash
وهو الذي لا يعتمد على أي مخطط في كتابته، ويُدعى هذا الأسلوب (Pantsing)، لم أجد تعريبًا مناسبًا لذا سأستخدم ما أعتقده أقرب للمعنى وهو الارتجال أو ربما العفوية، ويطلق عليه البعض اسم الكتابة الاستكشافية.
والمصطلح الأجنبي مأخوذ من قول (Fly by the seat of one's pants)
والذي يعني أن يتصرف الشخص بغريزته عندما يواجه مشكلة أو عملًا لا يملك معلومات بشأنه أو خطة لتنفيذه.
في هذا النوع يمسك الكاتب طرف الخيط ويترك العنان لخياله يأخذه حيث يشاء.
يبدأ الكتابة فور أن يرى مشهدًا أو تطرأ الفكرة بعقله، وربما يملك فكرة مبهمة عن النهاية أو لا يملك فكرة على الإطلاق.
يُطلق (جورج. أر. أر. مارتن) على هذا الفريق اسم البستاني والذي يُعتبر هو واحدًا منه، ويُطلق على الأول اسم المعماري.
ومن أشهر كُتابه أيضًا (ستيفن كينج) الذي يكتب دون امتلاك أي فكرة عما سيحدث في روايته ويرفض التخطيط لأنه على حد قوله سيمل من الكتابة بعد أن عرف القصة مسبقًا.
قبل أن نحدد أي النوعين أفضل لتختاره لنتعرف أولًا على عيوب ومزايا كل نوع، ولنتفق أيضًا على أن لكل كاتب شخصيته وما يناسبك قد لا يناسب غيرك.
*امتلاك مخطط سيمنع تعثرك أثناء الكتابة فأنت تعلم أين تتجه بالضبط في كل خطوة.
*قلة مواجهة قفلة الكتابة الناتجة من نفاد الأفكار وإذا حدث وواجهت عقبة في سير الأحداث يمكنك الرجوع للمخطط والملاحظات لتجد الحل أسرع.
*إحكام الحبكة وتجنب العديد من الثغرات فيها.
*فهم أعمق للشخصيات وخلفياتها ودوافعها، وامتلاك ملف بتفاصيل كل شخصية يمنع خلط الكاتب لاحقًا في بعض التفاصيل ما بين الشخصيات أو كتابة حدث متعارض مع تفصيلة سبق ذكرها عن الشخصية.
*الكتابة أسرع والانتهاء من الرواية في أقصر وقت.
*وقت أقل في تعديل المسودة والمراجعة.
*يفيد التخطيط في الروايات الطويلة ذات الحبكات المعقدة والسلاسل.
*سيفيدك التخطيط إذا كنت من الكُتاب الذين لا يحبون كتابة الرواية بترتيب الأحداث.
إن كنت تبحث عن برنامج يساعدك في التخطيط لروايتك، يمكنك الإطلاع على هذا المقال
شرح برنامج (Manuskript) وكيف يمكنك الاستفادة منه في التخطيط لعملك الروائي؟
*غالبًا ما تكون عملية معقدة وربما يقع الكاتب في حيرة بأي خطوة يبدأ، بالشخصيات أو الحبكة أو بناء العالم.
*فقدان متعة الكتابة واستكشاف الأحداث، ستكون الكتابة مجرد عملية روتينية.
*خسارة دينامكية الشخصيات والأحداث، فكل شيء معد مسبقًا وكل حركة محسوبة والشخصيات قد تتحرك متخشبة وآلية.
*قد تواجه صعوبة في التخطيط دون الأدوات المناسبة التي تساعدك في تنظيم المخطط.
*استغراق وقت طويل في التخطيط قبل الكتابة الفعلية.
*فقدان الكاتب شغفه بكتابة القصة فهو سيشعر أنّه قد انتهى من قصها في المخطط.
*ومع كل هذا التخطيط ليس مضمونًا ألا تخرج الأمور عن السيطرة في نقطة ما وتفاجئك الشخصيات بتغير في الحبكة.
*لن تفقد متعة الكتابة واستكشاف القصة، إثارة استكشاف المجهول ورؤية عالم قصتك يتفتح أمامك خطوة خطوة.
*حرية أكبر للشخصيات ولا تعرف كم يمكن أن يفاجئوك، ستراقب تطورهم وتشاركهم رحلتهم حتى النهاية.
*تطور مرن للحبكة.
*هذا الأسلوب جيد مع الروايات القصيرة غير المعقدة.
*حرية أكبر في كتابة المسودة الأولى والشعور بضغط أقل لرغبتك في أن تكون المسودة أكثر احترافية لأنك تعلم أنّه بإمكانك العودة لاحقًا وتعديل أي مشكلة.
*التوقف عند نفاد الأفكار أو الوصول لنقطة مسدودة، وقد يستمر هذا التوقف لفترات متكررة وطويلة.
*قد تنتهي بأبطال وأحداث متشابكة أو غير مترابطة.
*المسودة الأولى ستكون طويلة للغاية أو مفككة بكثير من الثغرات، وربما مليئة بأحداث غير مهمة، وهذا سيؤدي للعيب التالي.
*وقت أطول في المراجعة والتعديل، وربما تضطر للتوقف كل فترة أثناء الكتابة لتراجع الحبكة والتفاصيل وتصحح المسار لباقي الأحداث.
*وهذا سيؤدي بالتالي للانتهاء من الرواية في وقت أبعد. وكلما كانت الرواية أطول وأكثر تعقيدًا سيزيد الوقت.
Photo by Hannah Olinger on Unsplash
لست مجبرًا لتكون نوعًا منهما، يمكنك أن تجرب الاثنين وتجمع بين مزاياهم، وهنا يظهر النوع الوسطي (plantser) ويُدعى أيضًا (Plotser).
يمكنك أن تستفيد من مزايا الاثنين، فلا تقلق بشأن عمل مخطط تفصيلي معقد والإجابة عن كل نقطة وتحديد الخيارات، يمكنك وضع الخطوط العريضة لتعرف طريقك وتترك كل الاستكشاف في النقاط الواصلة بين المحطات الرئيسية.
يمكنك اللجوء للتخطيط كلما شعرت بالوصول لعقدة تحتاج لفكها.
لكن أن تجمع المزايا لا يعني أنّك لن تعاني من العيوب لكن هذا سيحتاج لمقال لاحق إن شاء الله لتفصيل هذه العيوب وكيف نتجنبها قدر الإمكان.
بعد كثير من التجارب أنا في الوسط (plantser)، أضع مخططًا بسيطًا والشخصيات الأساسية والمحطات الرئيسية ثم أترك السيطرة لقلمي وشخصيات رواياتي لتتولى باقي الطريق لكن هذا بالطبع يأتي مع ثمن كبير.
Photo by Etienne Girardet on Unsplash
أنت من يحدد أيهما الأفضل.
كما أغلب نصائح الكتابة وأساليبها ليس هناك صح وخطأ، ما قد ينجح مع كاتب قد لا يناسب كاتبًا آخرًا، هكذا الحال مع اختيار عملية الكتابة.
أنت من يحدد أي الأسلوبين أفضل بالنسبة لك، كما أن نوع الرواية نفسها قد يدفعك لتغليب نوع على الآخر.
ما أنصح به هو أن تجرب الأسلوبين ثم تحدد أيهما الأفضل لك أو تكون النوع الوسطي وتستفيد من المزايا.
لكن نصيحتي إن كنت ستعتمد الأسلوب العفوي فلا تتسرع بعرض روايتك على القراء وهي ما زالت قيد الكتابة تجنبًا للمشاكل ولا تعرضها إلا بعد مراجعة جيدة مرة أو أكثر للمسودة الأولى.
شاركنا في التعليقات أي نوع من الكُتاب أنت؟ وكيف كانت تجربتك؟
ولا تنس مشاركة المقال ليستفيد منه الآخرون.
*************************